فلويد وكورونا أوراق رابحة لترمب
أزمة كورونا وقتل جورج فلويد كلاهما تسببا في أحداث بلا سوابق في التاريخ الأميركي، فلم تعرف الولايات المتحدة مسيرات غاضبة وضخمة ضد العنصرية منذ اغتيال مارتن لوثر كنغ في 1968، مع ملاحظة الفارق بين الاثنين، فالأول حصل على نوبل للسلام، وهو أستاذ جامعي وصاحب رأي في الحقوق المدنية والتمييز العنصري، والثاني تحول بطلاً قومياً بالصدفة بعد قتله بالخطأ نتيجة إهمال من رجل شرطة أبيض، وتعليم فلويد متوسط واشتهر بأفلامه غير المحترمة، ولا توجد لديه مواقف سياسية معروفة، والمقارنة بين الرجلين ظالمة لمارتن لوثر كنغ.
العنصرية ليست جديدة على أميركا، ووزارة العدل الأميركية أشرفت على دراسة في 2003، جاء في نتائجها، أن شباب الأقليات الإثنية، وتحديداً الأميركيين من أصل إفريقي، يسجنون لفترات أطول مقارنة بالبيض الذين يرتكبون الجرائم نفسها، وجرائم القتل ضد السود تمثل 36 % من إجمالي هذا النوع من الجرائم، مع أن نسبتهم لا تتجاوز 12 % من سكان أميركا، ووفق إحصاءات 2019 فإن 47 % من جرائم الكراهية الفردية في أميركا تستهدف الأفارقة والسود بالدرجة الأولى.
قد يكون ترمب المتضرر الأكبر من الأزمتين؛ لأنه لم يوفق في التعامل بصورة متوازنة مع أزمة كورونا ومع تداعيات قتل فلويد، وكانت تصريحاته تناقض بعضها، وخسر في أشهر قليلة كل أرباح الاقتصاد الأميركي التي حققها في سنوات، وهذه المكاسب الاقتصادية كانت قد عززت من شعبيته في أوساط الأميركيين، واعتبر الكثيرون أن فرصته بإعادة الانتخاب لفترة رئاسية ثانية شبه محسومة، خصوصاً أن منافسه عن الحزب الديموقراطي، جو بايدن، ابن المؤسسة السياسية في واشنطن والمتفق مع مزاجها وتقاليدها، بلا كاريزما أو شعبية.
ترمب يحتاج إلى لقاح لكورونا قبل الانتخابات، وإلى اقتصاد متعافٍ يدعم موقفه، ويقدمه كمنقذ اقتصادي عظيم أخرج أميركا من أكبر كارثة اقتصادية في تاريخها، والأزمات توفر دائماً فرصاً متساوية لمن يجيدون التعامل معها، فالناخب الأميركي لا ينتظر من رئيسه أن يكون منظراً سياسياً من نوعية بايدن، بقدر ما يتطلع إلى رجل أعمال يخرجه من أزماته الاقتصادية والصحية، ويحول مشكلاته حلولاً وفرصاً استثمارية، وكل المواصفات السابقة يملكها ترمب.
نقلا عن الرياض
لا يوجد تعليقات